يحيط علم النفس بجوانب حياتنا كافة؛ الشباب والشيخوخة والنسيان والتذكر والنوم والحلم والحب والكراهية والسعادة والحزن والمرض النفسي والعلاج النفسي؛ هذه هي مكونات حيواتنا اليومية، في الخير والشر، وغالبًا في كليهما معًا. ففي كل يوم، تقريبًا، تمطرنا وسائل الإعلام الإخبارية والأفلام والبرامج التليفزيونية وشبكة الإنترنت بادعاءات تخص مجموعة من موضوعات علم النفس مثل: وظائف المخ، والوسطاء الروحانيين، وتجارب الخروج من الجسد، والذكريات المستردة، واختبار جهاز كشف الكذب، والعلاقات الرومانسية، ورعاية الأبناء، والاعتداء الجنسي على الأطفال، والاضطرابات النفسية، والجرائم الحقيقية، والعلاج النفسي. وقد تكشف لنا زيارة عارضة إلى مكتبة الحي الذي نقطن به عن عشرات — بل مئات — من كتب مساعدة الذات والعلاقات والاستشفاء والإدمان التي تقدم كثيرًا من النصائح التي تساعدنا على توجيه خطواتنا على طريق الحياة الوعر. وبالطبع لا نهاية للنصائح الخاصة بعلم النفس على شبكة الإنترنت لأولئك الذين يفضلون الحصول على النصائح النفسية مجانًا. فصناعة علم النفس الشعبي ترسم، بطرق لا حصر لها، ملامح عالم بدايات القرن الحادي والعشرين
مع ذلك، ولدرجة تدعو إلى الدهشة، كثير مما نعتقد أنه صحيح عن علم النفس ليس كذلك؛ فعلى الرغم من توفر أعداد كبيرة للغاية من مصادر علم النفس الشعبي بسهولة تامة في المكتبات وعلى شبكة الإنترنت، فإنها تعج بالخرافات والمفاهيم المغلوطة. وفي حقيقة الأمر، في عالم اليوم سريع الإيقاع الذي يتسم بحمل المعلومات الزائد، تنتشر «المعلومات المغلوطة» عن علم النفس على الأقل بقدر انتشار المعلومات الصحيحة. ومع الأسف، عدد قليل من الكتب الثمينة هي المتاحة لمساعدتنا في إنجاز المهمة العسيرة المتمثلة في التمييز بين الحقيقة والخيال في علم النفس الشعبي. ونتيجة لذلك، نجد أنفسنا في كثير من الأوقات تحت رحمة خبراء مساعدة الذات ومقدمي برامج التليفزيون الحوارية وخبراء الصحة النفسية المزعومين على موجات الراديو، الذين يشيع كثير منهم نصائح ذات صلة بعلم النفس هي في الأساس خليط مضلل من الحقائق وأنصاف الحقائق والأكاذيب الواضحة. فدون مرشد جدير بالثقة لتمييز الخرافة النفسية من الحقيقة، نصبح عرضة للضياع وسط أدغال المفاهيم المغلوطة
العديد من الخرافات الكبرى في علم النفس الشعبي لا تكتفي فقط بإمدادنا بمعلومات خاطئة عن الطبيعة البشرية، لكنها علاوةً على ذلك يمكن أن تؤدي بنا إلى اتخاذ قرارات حمقاء في حيواتنا اليومية. فهؤلاء الذين يظنون مخطئين أن الناس يكبتون ذكريات التجارب المؤلمة (انظر الخرافة رقم ١٣) قد يهدرون جزءًا كبيرًا من حياتهم في محاولة لا طائل من ورائها لاجترار ذكريات عن أحداث طفولة مؤلمة لم تحدث قط من الأساس، وهؤلاء الذين يعتقدون أن السعادة تتحدد في الغالب عن طريق ظروفنا الخارجية (انظر الخرافة رقم ٢٤) ربما يحصرون اهتمامهم بما هو خارج أنفسهم بدلًا من الاهتمام بما هو داخلها لكي يعثروا على «الصيغة» المثلى للإشباع طويل الأجل، وهؤلاء الذين يعتقدون مخطئين أن الأضداد تتجاذب في علاقات رومانسية (انظر الخرافة رقم ٢٧) قد يهدرون أعوامًا في البحث عن رفيق الروح الذي تختلف صفاته الشخصية وقيمه اختلافًا تامًّا عن صفاتنا وقيمنا؛ ليكتشفوا بعد فوات الأوان أن مثل هذا «التوافق» نادرًا ما يفلح. فالخرافات مهمة
عن المؤلفين
سكوت أوه ليلينفيلد: يعمل أستاذًا لعلم النفس بجامعة إيموري بأتلانتا، وقد وضع أكثر من ٢٠٠ مؤلف تتنوع ما بين كتب كاملة وفصول من بعض الكتب ومقالات نُشرت في مجلات علمية، وحصل عام ١٩٩٨ على جائزة ديفيد شاكوه لإسهاماته المتميزة في مجال علم النفس الإكلينيكي، ويمنح هذه الجائزة القسم الثاني عشر للجمعية الأمريكية للطب النفسي المعروف باسم جمعية علم النفس الإكلينيكي. شغل د. ليلينفيلد سابقًا منصب رئيس الشعبة الثالثة بجمعية علم النفس الإكلينيكي، وهو زميل جمعية العلوم النفسية، ورئيس تحرير مجلة «ساينتيفك ريفيو أوف مينتال هيلث براكتيس». تشمل المجالات البحثية الرئيسية التي يهتم بها: اضطرابات الشخصية، وتصنيف الأمراض النفسية وتشخيصها، والأكاذيب العلمية في مجال الصحة النفسية، وتدريس علم النفس
ستيفن جاي لين: يدرِّس علم النفس بجامعة نيويورك الحكومية في بينجامتون، ويعمل مديرًا للعيادة النفسية بها، إلى جانب عمله في أحد عشر مجلسًا من مجالس التحرير. كتب د. لين ٢٧٠ مؤلفًا بحثيًّا منها ١٦ كتابًا، وشغل سابقًا منصب رئيس قسم التنويم المغناطيسي النفسي بالجمعية الأمريكية للطب النفسي، ونال جائزة تشانسيلور للأنشطة البحثية والإبداعية التي تقدمها جامعة نيويورك الحكومية، وهو زميل الجمعية الأمريكية للطب النفسي وجمعية العلوم النفسية، وقد مول المعهد القومي للصحة النفسية أبحاثه التي تشمل مجالاتها الرئيسية: التنويم المغناطيسي، والذاكرة، والأوهام، والانفصال
جون روشيو: يعمل أستاذًا مشاركًا لعلم النفس بكلية نيوجيرسي، وتتضمن اهتماماته البحثية الأساليب الكمية في أبحاث علم النفس، وخصائص الأكاذيب العلمية التي تميز بين الموضوعات الواقعة ضمن نطاق العلوم النفسية وخارجه. كتب جون روشيو أكثر من خمسين مؤلفًا تتنوع ما بين المقالات والكتب الكاملة وفصول من بعض الكتب، ومن مؤلفاته كتاب «التفكير النقدي في علم النفس: التمييز بين المنطق والحماقة»، وهو عضو بهيئتي تحرير مجلة «جورنال أوف أبنورمال سيكولوجي» ومجلة «سيكولوجيكال أسيسمنت»، ويشارك أيضًا في تحرير مجلة ساينتيفك ريفيو أوف مينتال هيلث براكتيس
باري إل بايرستاين: كان الراحل أستاذًا لعلم النفس بجامعة سايمون فريزر ورئيسًا لجمعية بريتش كولومبيا للباحثين عن الحقيقة. شارك د. بايرستاين في تحرير مجلتي «ذا رايت ستاف» (١٩٩٢) و«ساينتيفك ريفيو أوف ألترنيتيف مديسين»، وساهم أيضًا في كتابة عدة مقالات في مجلة «سكيبتيكال إنكوايرر» وغيرها من المجلات العلمية المتخصصة. كان د. بايرستاين عضوًا بالمجلس الاستشاري لمؤسسة سياسات الدواء (ومقرها واشنطن العاصمة)، وعضوًا مؤسسًا بمجلس إدارة المؤسسة الكندية لسياسات الدواء في أوتاوا بأونتاريو
لمشاركة الكتاب و المقالة علي صفحتك في الفيسبوك، اضغط علي كلمة شير