أحسن القصص.....فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ

أستمع و أستمتع ب٣٥ دقيقة من · ماتيسر من سورة يوسف6 - 21 الشيخ عبد الباسط عبد الصمد بجودة عالية نادر جدا

كنت اقود سيارتي و في طريقي الي مدينة تبعٌد حوالي ٣ ساعات من بيتي و كانت الساعة قد تجاوزت الرابعة فجراً و الطريق خالي تماماً من السيارات و لا يوجد فيه غير صوت محرك سيارتي و فوقه و يعلو عليه صوت الشيخ عبد الباسط مرتلاً. كان الشيخ -رحمه الله- يقرأ الآيات من ٦ الي ٢١ من سورة يوسف و كان تسجيلاً خارجياً و لا أشك في أن شيخنا رحمه الله كان يحلق خارج حدود المجرة أثناء تلاوته المهيبة هذه ( يمكن ان تستمع إلي هذا التسجيل في الملف الصوتي المرافق لهذه المقالة ) فكان يصول و يجول بصوته المميز و أنا أشعر بالقشعريرة تسري في جسدي و أما روحي فكانت تحلق معه في فضاء الكون و بين المجرات و بينما أنا في هذه المتعة الخيالية الأسطورية أنتبهت فجأة الي إنه -رحمه الله- قد أعاد قراءة الآية التي تقول "لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ" ثلاثة مرات ، ففاجئني عقلي و قد أنزلني من تلك السياحة الروحية في فضاء الكون مع صوت الشيخ بسؤال "لماذا يعيد هذه الآيات بهذه الطريقة؟؟ لابد أن هناك ما يجب ان تتدبره و تفهمه" فقمت بأعادة التسجيل من بدأيته مرة أخري و أصغيت بتركيز....فوجدته يقرأ الآية في اول مرة بصوت عالي مفتوح مثلما نقرأها و لكمه يمد في كلمة ” لِّلسَّائِلِينَ “ بشكل ملحوظ بعض الشي ثم يعيد الآية في المرة الثانية و لكنه عندما يصل الي كلمة "آيات" يقرأها "آيةً" -مفردة و بتنوين بالضمة- ثم يقرأ كلمة "للسائلين" بمد حرف السين بشكل ملفت و أطول من اول مرة و كأنه يكلم هؤلاء السائلين أنفسهم.....حتي إذا جاء الي الأعادة الثالثة تحول الي مقام الرصد و صبغ صوته بلون داكن و كأنه قد هبط من الفضاء الذي كان يحلق فيه فأكتسب صوته لون الطين الداكن لهذه الارض ، فنسمع فيه الخشوع و الهدوء فيه و و يبدأ في مدة حرف الهاء في كلمة ”وَإِخْوَتِهِ“ ثم يقرأ كلمة آيات بصيغة الجمع كما هي في السورة و لكنه يمد في حرف التاء و كأنه يقول انها ستكون آيات و آيات الي يوم الدين، و بالرغم من هذا المد في هذه الكلمة الي انه يقوم بالمد ذاته في الكلمة التي تليها و التي هي السائلين....فيقوم بمد السين بشكل ملفت أكثر من ذي قبل و لا يمدها من حرف السين انما حرف الألف التالي لحرف السين في كلمة ” لِّلسَّائِلِينَ ”!!!!!!!! و لم أشعر بنفسي الا و أنا اتجه للجهة اليمني من الطريق وأُسكن محرك سيارتي و القشعريرة تسري في جسدي و كأني أسمع هذه الآية لأول مرة!.......لا أدري كم من الوقت مر بي و أنا اعيد الأستماع الي الآية و طريقة قرأته رحمه الله و أفكر في المعني الذي اراد الشيخ رحمه الله أن يلفت نظرنا اليه

بالطبع لم يكن جمال صوت الشيخ عبد الباسط و قدراته الأبداعية في التلاوة و التنقل بين المقامات و طبقات الصوت هي ما لفتت نظري أنما كان شيئاً آخر و هو نفس الشئ الذي كنت دائماً أشعر به كلما ممرتُ بهذه الآية الكريمة و لا أعرف كيف أعبر عنه...." لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ "....و لقد قرأت كل التفاسير الي وصلتني و كلها كانت تتكلم عن ان مجموعة من اليهود جاؤوا الي النبي علية الصلاة و السلام يسألونه عن قصة يوسف او عن سبب دخول اولاد يعقوب مصر -علي سبيل الاختبار- فلما رد عليهم بالسورة التي أُنزلت عليه تعجبوا كثيراً لانها مكتوبة عندهم في التوراه و معني آيات للسائلين هنا عبرة او موعظة او دليل علي صدق النبي عليه أفضل الصلاة و السلام!!!! في الحقيقة لم أجد هذا التفسير مُقنع أو علي الأقل غير كافي بالنسبة لي ...... لماذا؟؟
١- لان القصة لم تكن غريبة عليهم بحكم انها موجودة في التوراه
٢- اليهود أنفسهم كانوا يعرفون ان سيدنا محمد صادق و يُوحي إليه و يعرفونه كما يعرفون ابناءهم ، مصدقاً لقوله عز و جل {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [ سورة البقرة الآية :146] حتي ان جواب عبد الله بن سلام - رضي الله عنه- وكان عالم اليهود وسيدهم ، و قد أسلم بعد وصول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، وكان ممن بشر بالجنة - لسؤال عمر بن الخطاب رضي الله عنه – وهو من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وثاني الخلفاء الراشدين – ، حين سأله قائلا له : أتعرف محمداً -صلى الله عليه وسلم -كما تعرف ابنك ؟ قال : ” نعم ، وأكثر . بعث الله أمينه في السماء إلى أمينه في أرضه بنعته فعرفته ، وابني لا أدري ما كان من أمه“ ، و من المعروف تاريخياً أن سبب وجود اليهود في المدينة هو انتظار بعثة النبي المنتظر
٣- العبرة و الموعظة كتفسير إيضاً غير صحيح لان الآية تقول "آيات للسائلين" و ليس آيات للسامعين او المسلمين

في الحقيقة لقد أشعر دائما ان ثمة شيئاً غامضاً في هذه الآية مثل آيات أخري في نفس السورة منها من فتح الله عليً بفهمها و منها ما زالت أبحث فيه...حتي جاءت هذه اللحظة و أنا أعيد الأستماع الي تلاوة الشيخ عبد الباسط -رحمه الله و جزاه خيراً- فأنعم علي الله بفهماً جديد للآية الكريمة ، ففهمت به معني كلمة "آيات للسائلين" و وجدت نفسي أقول حقاً أنها أحسن القصص لو أننا تدبرناها جيداً غير اننا من الغافلين مصدقاً لقوله تبارك أسمه في بداية هذه السورة ” نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ” فمن المؤكد أننا نعلم أن سيدنا يوسف عليه و علي نبينا أفضل الصلاة و اسلام كان له اخ شقيق هو بينامين و عشر اخوة من جهة الأب فقط، و هم ( روبيل و شمعون و لاوي و يهوذا و زبالون و آشر و دان و نفتالي و جاد و أشير ) و هؤلاء العشرة كانت امهم تُسمي ليا بنت ليان و هي بالمناسبة ابنة خال سيدنا يعقوب عليه السلام و لما توفيت ليا فتزوج يعقوب عليه السلام أختها راحيل فولدت له يوسف وبنيامين ... فكان بنو يعقوب عليه السلام اثني عشر رجلا....و لقد كانت عند هؤلاء الأبناء العشرة قناعة أن واحد منهم -بحكم سنه- سيكون المحظوظ الذي سيرٍِث النبوة من بعد إبيه مصدقاً لقبول الله لدعوة نبيه إبراهيم عليه السلام و أختصاصه له بأن تكون النبوة في ذريته ورثاً. و لما كان الأبناء العشر يعلمون كيف أن ابيهم يعقوب قد ورث النبوة عن ابيه او جدهم اسحاق عليه السلام و هو يصغر في السن أخيه عيسو فقد رأي كل واحد فيهم أن وراثة النبوة ليست مشروط بكبر السن و لذلك فقد كثر التنافس بينهم و كان كل واحد منهم يتمني أن يكون هو هذا الوريث. و لأن فرق السن بينهم و بين يوسف و أخيه كبير فقد أستبعدوا أن يكون أحد هذان الطفلان الوريث أو النبي القادم ، فلما ظهرت لهم من العلامات و الشواهد ما تؤكد أن هذا الطفل الصغير "يوسف بن يعقوب" سيكون هو النبي فزعوا و سرعان ما تآمروا عليه و قرروا التخلص منه

"اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ"......يا الله الي هذا الحد يستطيع الحقد و الحسد و الأنانية أن تتملك مجموعة من الأخوة فيقررون أن يقتلوا آخاهم أو يطرده بعيداً عن إبيه؟؟ و لماذا؟؟ فقط لأن الله اصطفاه عليهم و قرر أن يبعثه رسولاً و هو هذا الطفل الصغير الذين شاهدوا مولده و ربما حملوه و داعبوه و رآوه صغيراً ضعيفاً جاهلاً و ربما كان يضحكهم هذا أو يسليهم....فكيف لهذا الصغير الضعيف الذي لا يعرف عن الدنيا و تلك البراري و الأودية التي يرعون فيها أغنامهم شيئاً و لا يعرف كم من المرات ضلوا الطريق و استطاعوا ان يعودوا و كم من الذئاب صارعوا و هم يرعون أغنامهم....فمن هذا الصغير كي ينزع منهم النبوة؟؟….توقف يا قارئ العزيز هنا و راجع تلك الجٌمل و السطور التي كتبتها للتو....ما هذا الذي كتبته في هذه الجمل الأخيرة؟؟ لقد قلت " لأن الله اصطفاه عليهم و قرر أن يبعثه رسولاً و هو هذا الطفل الصغير الذين شاهدوا مولده و ربما حملوه و داعبوه و رآوه صغيراً ضعيفاً جاهلاً و ربما كان يضحكهم هذا أو يسليهم "...... هذا أذن تفسير ” لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ ” و دعني أشرح لك هذا

لقد آتي هؤلاء اليهود -يهود المدينة أو يثرب في ذلك الوقت- الي هذه البقعة المباركة لأنهم يعرفون إن وطا النبي المنتظر سوف يظهر في هذه المنطقة كما هو مكتوب في الكتاب المقدس في سفر إشعياء و المنسوب الي إشَعياءَ النَّبيِّ القائلِ: " صوتُ صارِخٍ في البَرّيَّةِ: أعِدّوا طريقَ الرَّبِّ. اصنَعوا سُبُلهُ مُستَقيمَةً " و في آية آخري ذكر هذا الصوت الصارخ في البرية ان هذه البرية هي صحراء فاران، أو برية فاران، و قد وصفها الكتاب المقدس بإنها المكان الذي لجأت إليه ستنا هاجر مع ابنها إسماعيل، بعد أن تركها زوجها النبي إبراهيم عليه و علي نبينا افضل الصلاة و السلام عليه السلام في هذه الصحراء و أن هذا هو المكان الذي سيخرج منه نبي آخر الزمان و أن أوان خروجه قد أقترب فأنطلقت هذه القبائل اليهودية تسكن بالمكان الذي سيبعث به و الذي هو بالقرب من بكة -في كتابهم تسمي مكة “بكة“ و صدق الله العظيم الذي اورد اللفظ الذي يستخدمونه في آية من آيات القرآن الكريم- و تمنت كل قبيلة كما تمني كل ابن من اولاد سيدنا يعقوب عليه السلام العشر الكبار أن تكون النبوة في بيتهم ، فلما أن بعث الله خير الأنام و سيد ولد آدم المصطفي صلي الله عليه و سلم فزعوا كما فزع اخوة يوسف و سبحان الله نفس الظروف و نفس الموقف بتفاصيله "أخ غير شقيق"-يوسف و حفيد لأخ غير شقيق لجدهم اسحاق و الذي هو إسماعيل عليهما السلام و بالطبع هذا الحفيد هو المصطفي "محمدٌ صلي الله عليه و سلم" و كما رأي أخوة يوسف في آخاهم الضعف و الصغر و الجهل رآي اليهود في العرب و نبيهم نفس الشئ فمن هؤلاء الذين يقولون أنهم أولاد عمومتنا؟؟ نحن ذو العلم و الحكمة و أُنزلت فينا التوراة و الزابور و أغلب الأنبياء قد ارسلوا فينا و منا؟؟ و أما هؤلاء العرب فهم جهلة متخلفون ، صغار الشأن و ضعفاء......و سبحان الله عندما ذهبوا ليسألوا هذا النبي بطريقة -لما نروح نتفزلك عليه- جعلهم الله يسألونه -صلوات ربي عليه- عن يوسف و أخوته و التي كانت خير دليل علي انه النبي الحق و الذي أصطفاه الله مصدقاً لقوله "لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ " و أي آيةٌ بعد هذه القصة يريدون؟؟….لقد كان الأولي بهم أن يعرفوا أن الله قد أختيار و ختار هذا النبي كي يرسل و يجعله النبي الخاتم بكل ما وعده من تمكين في الأرض و أن تكون أمته خير أمة أُخرجت للناس و أن يعترفوا بهذا و يلحقون بركب هذا النبي و أمته و أن العهد الذي سموا فيه "شعب الله المختار" قد ولي و أنتهي و أن الله قد أختار أمة أخري لتكون شعبه المختار ليس تفضيلاً و لكن تشريفاً و توكيلاً للقيام بمهمة إن أدتها علي خير وجه كان لها الأجر عند الله و أن تخاذلت أو نسيت أو لم تؤدي هذه الامانة و هذا التوكيل كانت جهنم و بئس المصير عقاباً لهم علي تقصيرهم هذا -و ياليت قومي يعلمون- ” وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ۚ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ” [ سورة البقرة الآية 89:] و سبحان الله يصر اليهود علي تأكيد صدق هذا النبي بغباءهم و حقدهم، فكما قال أخوة يوسف من بعد ما عرفوا و شاهدوا أمارات أن يوسف سيكون هو النبي المصطفي عليهم في الآية التي تليها "إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ".......ثم قرروا "اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ"....خرج وفد اليهود من عند النبي صلي الله عليه و سلم و هم في حيرة من امرهم فسألوا كبيرهم اقر أنه النبي و لذلك يجب معاداته، و كان كبيرهم هذا يٌدعي حُيَيُّ بن أخطب و هو سيد يهودِ بني النَّضيرِ بالمدينة و أبو أم المؤمنين صفية بنت حُيي -رضي الله عنها و ارضاها- فتقول ستنا صفية عن ذلك : ” وسمعتُ عمي أبا ياسرٍ وهو يقول لأبي حُيي بن أخطب: أهو هو؟ (أي: هل محمد - صلى الله عليه وسلم - هو النبي الذي نَنتظرُهُ، الموجودة بشارته في كتبنا؟)، قال حيي بن أخطب: نعم والله
قال أبو ياسر: أتعرفه وتُثبِتُه؟
قال حيي بن أخطب: نعم
قال أبو ياسر: فما في نفسك منه؟
قال حيي بن أخطب: عداوتُه واللهِ ما بقيت

"لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ " هكذا و مُنذُ ذلك اليوم الذي قرر فيه حُيي بن أخطب معاداة النبي و رسالته لم يمر يوم الا و محمدٌ و أمته يعانون من غيَابَاتِ الجُبِّ أو البئر ، فنصعد يوماً و يمكننا الله ... ثم سرعان ما يعود أخوة يوسف فيطرحوننا أرضاً و هم يظنون ان وجه الله سيخلو لهم ، و لكن لله سنن في كونه و من أهم هذه السنن هي "أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ” [ سورة الأنبياء الآية: 105] و كما انه جاء عندهم في كتبهم في نفس السفر - سفر إشعياء - في الأصحاح التاسع " لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ. (٦) لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ، لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ، مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هذَا. (٧) أَرْسَلَ الرَّبُّ قَوْلًا فِي يَعْقُوبَ فَوَقَعَ فِي إِسْرَائِيلَ. (٨) " و لعل هذه الآيات تحتاج الي شرح او توضيح سوف اختصره في نقاط محددة ،هي كالتالي
١- " تكون رئاسته علي كتفه "!! لعل المقصود به هو خاتم النبوة، هو الذي كان بين كتفي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان من علامات نبوّته ، وهي عبارة عن غُدّة حمراء مثل بيضة الحمامة، فيها شعرات مجتمعات كانت عند كتف النبي محمد صلى الله عليه وسلم الأيسر و المعروف ان اليهود كانوا يآتون للنبي لرؤيته، فهو دليل علي النبوة عند أهل الكتاب ، فقال ابن رجب: « وخاتم النبوة: من علامات نبوته التي كان يعرفه بها أهل الكتاب ويسألون عنها، ويطلبون الوقوف عليها وقد روي: أن هرقل بعث إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بتبوك من ينظر له خاتم النبوة ثم يخبره عنه» ، و جاء ذكره في قول بحيرا الراهب لأبي طالب عن النبي صلي الله عليه و سلم : «وإني أعرفه بخاتم النبوة في أسفل مِنْ غُضْروفِ كَتِفِهِ مثل التفاحة» ورد ذكر خاتم النبوة في قصَّة إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه حينما كان يبحث عن النبي الحقِّ الذي عَرَف صفاته ومناقبه من أحد الرهبان في عَمُّورِيَة والذي وصفه له قائلا: " ولكنه قد أظلك زمان نبي، هو مبعوث بدين إبراهيم، يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل (المدينة المنورة)، به علامات لا تخفى، يأكل الهدية، ولا يكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل ”فوجدها سلمان -رضي الله عنه- هذه الصفات في النبي صلي الله عليه و سلم ، فيقول رضي الله عنه : «ثم جئت رسول الله صلي الله عليه و سلم وهو ببقيع الغرقد، وقد تبع جنازة من أصحابه، عليه شملتان له، وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه، ثم استدرت أنظر إلى ظهره، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني رسول الله صلي الله عليه و سلم استدرته عرف أني استثبت في شيء وصف لي، قال: فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم، فعرفته، فانكببت عليه أقبله وأبكى، فقال لي رسول الله صلي الله عليه و سلم: تحول فتحولت، فقصصت عليه حديثي
٢- يُدعي اسمه عجيباً مشيراً! لم يسبق لبشر ان أُطلق عليه اسمه مُحمداً قبل النبي صلي الله عليه و سلم و هو اسم يشير الي انه مُشبع بحمد الله و العجيب ان اسمه محمد عبد الله فحتي اسم والده يشير الي انه عبداً لله
٣- أباً أبدياً ! و هل عرفت البشرية من بعد آدم عليه السلام رجلاً لا يذكر اسمه الا و هو يُبجل بالصلاة و السلام عليه مثل النبي صلي الله عليه و سلم؟! هل عُرفت أمة متعلقة بمعلمها و نبيها و أستاذها مثل أمة محمد صلي الله عليه و سلم؟! فنعم هو أباً أبدياً
٤- رئيس السلام! و من غيره نشر السلام و جعل منه عنواناً و تحية من الانسان لاخيه و من قال ان افضل الاعمال هو إفشاء السلام غيره صلي الله عليه و سلم، و هو الذي تنتشر رسالته بالسلام و هو المقصود بنمو رسالته. و انها و الله البشري بنصر الله لدينه و عباده كما تقول الآيات مبشرة "رئيس السلام (٦) لنمو رئاسته، و للسلام لا نهاية علي كرسي داود و علي مملكته، ليثبتها و يعضدها بالحق و البر ، من الآن إلي الأبد"فاللهم صلي علي نبيناً و سلم عليه تسليماً و اللهم جزيه عنا كل خيراً


لمشاركة المقالة علي صفحتك في الفيسبوك، اضغط علي كلمة شير



التعليقات


مواضيع ذات صلة

Image placeholder

"يعقوب و بنيه" النظرة اليهودية الي قصة سيدنا يوسف

ودعا يعقوب بنيه وقال: «اجتمعوا لانبئكم بما يصيبكم في اخر الايام. اجتمعوا واسمعوا يا بني يعقوب، واصغوا الى اسرائيل ابيكم: راوبين، انت بكري، قوتي واول قدرتي، فضل الرفعة وفضل العز. فائرا كالماء لا تتفضل، لانك صعدت على مضجع ابيك....اقرأ المزيد


E-currency exchange listing

Image placeholder

تعرف علي قصة اسلام الباحث عن الحقيقة سلمان الفارسي

فقال أمير المؤمنين لسلمان يا با عبد الله أ لا تخبرنا بمبدإ أمرك ؟؟ فقال سلمان و الله يا أمير المؤمنين لو أن غيرك سألني ما أخبرته أنا كنت رجلا من أهل شيراز من أبناء الدهاقين و كنت عزيزا على والدي فبينا أنا سائر مع أبي ...اقرأ المزيد